كيف تضبط الساعة البيولوجية

كيف تضبط الساعة البيولوجية

ما هي الساعة البيولوجية

تُعرف الساعة البيولوجية بأنّها جهاز التوقيت الغريزي للكائن الحي، فهي تتكوّن من مركبات معينة “بروتينات” تتفاعل في الخلايا الموجودة في جميع أنحاء الجسم، وقد تمّ العثور على الساعات البيولوجية في كافة الأنسجة والأعضاء تقريبًا، وحدّد الباحثون جينات مماثلة في البشر وذباب الفاكهة والفئران والفطريات والعديد من الكائنات الحيّة لها دور في صنع مكونات الساعة البيولوجية، وتقوم هذه الساعات بإنتاج إيقاعات تسمى “Circadian Rhythms” ويطلق هذا المصطلح على التغيّرات الجسدية والعقلية والسلوكية خلال دورة اليوم الواحد -كل 24 ساعة-، وتنظم توقيتها.

مركز التحكم في الجسم

يتمّ التحكم بالساعة البيولوجية عبر منطقة في الدماغ تسمى تحت المهاد “hypothalamus”، والتي تعد المركز الأساسي لتحليل المعلومات الدورية الجسدية وإنشاء أنماط النوم المناسبة، ويوجد في منطقة تحت المهاد جزء يسمى النواة الفوق تصالبية “SCN” والتي تستقبلُ إشارات الضوء والظلام من العين عبر ألياف عصبية، فعند وجود الضوء يتم إرسال إشارات عصبية عن طريق بعض المستقبلات لتصل إلى النواة الفوق تصالبية، وعن طريق هذه النواة تصل الإشارات إلى الغدة الصنوبرية وهي غدة مخروطية الشكل تقع خلف منطقة تحت المهاد، وتكون الغدة مسؤولة عن إنتاج هرمون الميلاتونين، وهذا الهرمون يعدّ مهمًّا في تحفيز النوم أو تثبطيه، فرغبة النوم ترتبط طرديًّا مع كمية هذا الهرمون، حيث تزداد الرغبة في النوم عند زيادة إنتاج الهرمون والعكس صحيح، ويتم تكوين الساعة البيولوجيّة حسب أنماط التعرض للضوء والظلام، وتظلّ الساعة البيولوجية محفوظة حسب هذه الأنماط، وأي محاولة للخروج عن الأنماط المحددة يسبب العديد من المشاكل الصحية، فمثلًا تظهر العديد من الأمراض السيكولوجية نظرًا للخروج عن أنماط الشخص المحددة. [١]

ضبط الساعة البيولوجية

كلّ شخص في العالم لديه جدولة داخليّة مخزنة داخل جسده، والتي تساعده في النوم ليلًا والاستيقاظ نهارًا، لكنْ في بعض الأحيان قد يتعرّض الشخص لمواقف تجعله يتعدّى هذه الجدولة الخاصة به، خصوصًا في حالات العمل في الدوام الليلي والسفر بين مناطق زمنية مختلفة أو الأمور الاجتماعية المختلفة كالسهرات والحفلات الليلية وما إلى ذلك من الأمور التي قد تبقي الشخص مستيقظًا في أوقات النوم والعكس صحيح، والطرق اللازمة لإعادة ضبط هذه الساعة تتمثل فيما يأتي: [٢]

  • الالتزام بروتين معيّن: فالالتزام بوقت واحد للنوم وإنهاء النشاطات اللازمة قبل الذهاب إلى النوم يهيّء جسد الشخص لتحديد وقت نوم معين يجهز فيه الجسم نفسه للنوم عبر التغيرات الفسيولوجية التي تحدث، كهبوط درجة الحرارة وقلة التوتر العضلي.
  • الإضاءة صباحًا: فالجسم يتعامل مع الضوء على أنه المنبه الأول للاستيقاظ، فوجود الضوء يحفز الاستيقاظ عبر تقليل تركيز الميلاتونين، فيمكن للشخص تعزيز هذه القدرة عبر إضاءة المصابيح صباحًا، وفتح الستائر، أو المشي متعرّضًا لأشعة الشمس.
  • العتمة ليلًا: من المهمّ النوم في الظلام والابتعاد عن الأضواء الصادرة من الأجهزة الذكية والحواسيب، والتي تعطي أشعة زرقاء التي تحفز الدماغ أن يبقى منتبهًا وفعالًا.

وهناك ممارسات أخرى تستعمل لضبط الساعة البيولوجية مثل: ممارسة التمارين الرياضية وتقليل الوجبات عند النوم والحد من القيلولة الطويلة وتقليل الكافيين.

علاج اضطراب الساعة البيولوجية

العلاج المستعمل لاضطراب الساعة البيولوجية يتباين من حالة لأخرى ويعتمد على الأسباب الباطنة، ففي بعض الأمراض تكون الأعراض مؤقتة ولا تحتاج لتدخل علاجي، وهناك بعض الحالات التي تستدعي مثلًا تغيير نظام حياة المريض، ويجب التحدث للطبيب عند ظهور أيّ أعراض واضحة وسيئة مثل: التعب والإرهاق أو قلة التركيز أو الاكتئاب، في هذه الحالات يمكن للطبيب إعطاء الدواء المناسب وتقديم نصائح لتغيير نظام الحياة.

في الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات العاطفية الموسمية “SAD”، تُستعملُ الصناديق الضوئية لمساعدة المريض، حيث إنّها تحفّز مراكز الدماغ لإفراز مواد كيميائية لها علاقة بتحسين الشعور في الجسم وأيضًا تقوم بتشجيع الجسم على البقاء يقظًا، وفي الحالات التي لا تتحسّن بالطرق العلاجية المتمثلة في تحسين نمط الحياة والمحافظة على أنماط النوم السليمة، قد يقوم الطبيب بوصف الدواء المعروف بالمودافينيل “Modafinil”، ويستعمل هذا الدواء للاضطرابات التي تؤثر على يقظة الشخص بصورةٍ سلبية. [٣]

الساعة البيولوجية والرجيم 

تصنّف الساعة البيولوجية إلى ساعةٍ مركزية وساعات محيطيّة، وتُعرف هذه الساعات المحيطية بأنها السلوك الدوري العام للخلايا المختلفة في الجسم، ويتم التحكم به عن طريق مواد تفرز من المنطقة فوق التصالبية “SCN”، ويكون السلوك الخلوي متمثلًا في إنتاج بعض الجينات والقيام بعمليات فسيولوجية كتنظيم درجة الحرارة ومعدل النشاط الأيضي، وبذلك يُنشأ الجسم ساعته الخاصة التي تجدول نشاطه الخلوي، ولكن قد يتم تعطيل هذه الجدولة عبر تناول الغذاء بصورة عشوائية وقلة الرياضة ويؤثر ذلك على تصنيع الجينات والعمليات الأيضية الخاصّة لكل عضو، وبالتالي فإن تقليل السعرات المستهلكة يوميًا وممارسة الرياضة واتباع حمية غذائية “رجيم” يسمح للساعة البيولوجية للجسم بأن تعمل بصورة صحيحة بدون تداخل بين الساعة البيولوجية والدورة الغذائية للكائن ويترتب على ذلك ما يأتي: [٤]

  • تنظيم تركيز السكر في الجسم، ويتم ذلك عن طريق إفراز الإنسولين “إذا كان تركيز السكر مرتفعًا” أو تنشيط الإنزيمات المحللة للسكر “إذا كان تركيز السكر منخفضًا”.
  • تنظيم نسبة الدهون في الجسم.
  • تنظيم نسبة البروتين في الجسم عن طريق الهضم الذاتي “Autophagy”، أو بوساطة ترجمة البروتينات وذلك حسب كمية البروتين في الجسم.

فيديو عن كيف تضبط الساعة البيولوجية

في هذا الفيديو يتحدث استشاري علاج الاضطرابات النفسية والإدمان الدكتور: عبد الله أبو عدس عن كيف تضبط الساعة البيولوجية.[٥]